رحل الأسير اللواء ميسرة أبو حمدية ويداه وقدماه مكبلة بسرير سجنه.. لفظ أنفاسه الأخيرة وجنود الاحتلال يحيطون به.. معتقدين أنهم يستطيعون منع الموت عنه كما منعوا عائلته.
وقالت اعتدال أبو حمدية وهي تودع شقيقها، 'قناعتي يا أخي أن الموت حق علينا جميعا لكنك أعز الناس، قتلك سجانك وأنت مكبل اليدين والقدمين... يحزنني فراقك أيها البطل ويسعدني في الوقت ذاته صمودك رجلا أمام الاحتلال وسجانيه'.
وأضافت، والدموع تنهمر من عينيها، 'رحم الله أخي ميسرة الذي ضحى بحياته من أجل فلسطين وحريتها، وعلينا أخذ العبر من ظروف استشهاده حتى نستطيع قهر عدونا الإسرائيلي، ولعلّ فاجعتنا تكون الشرارة التي تحرك قضية الأسرى بشكل يرقى بتضحياتهم عالميا لفضح ممارسات الاحتلال في المحافل الدولية حتى يطلق سراحهم'.
وطالبت أبو حمدية جميع أبناء شعبنا وفصائله بالعمل الجاد والصادق لتحقيق الوحدة وتجسيدها على الأرض، قائلة 'إن وحدتنا هي توحيد لأهدافنا وهذا هو شعار الشهيد الذي كان يقول فلسطين أكبر منّا جميعا ومن فصائلنا وأحزابنا'.
ورثته بكلمات قليلة قائلة، 'أخي ميسرة قد يكون جنود الاحتلال تمكنوا منك جسدا، لكنهم لم ولن يتمكنوا من روحك الطاهرة التي خرجت إلى باريها لتحشر مع الأنبياء والصديقين والشهداء رحمك الله وأسكنك فسيح جناته'.
صديق الشهيد منذ طفولته رئيس رابطة الجامعيين وعضو المجلس الثوري لحركة 'فتح' أحمد سعيد التميمي قال إن الشهيد قبل عام 1967 كان لا يعرف الهدوء فالثورة في داخله منذ كان طفلا، اعتقل أول مرة عام 1969 وبعد أن خرج من سجون الاحتلال استمر في نضاله، ففي عام 1975 اعتقل مرة ثانية وأمضى 23 شهرا إداريا بعد أن مكث 93 يوما في الزنازين والتحقيق، 'شاهدته بأمّ عيني، وأنا معتقل معه، عاريا تحت التعذيب'.
وأضاف التميمي، 'استمر الشهيد ميسرة يناضل باسم مستعار هو ثابت وأذكر أنه من أوائل الذين أسسوا خلايا النضال في الضفة الغربية وغزة، كانت تصرفاته تصرفات الوطني الثابت على رأيه والحامي لفكرته، كان يمد يده لجميع الفصائل ولا يفرق بين فلسطيني وآخر فكان يقول دائما 'فلسطين أغلى منا جميعا وعلينا أن نفتخر دائما بانتمائنا لهذه الأرض المباركة'.
وتابع: 'يدعي الإسرائيليون أنه كان مدخنا شرها وهذا غير صحيح فأنا رافقته أعواما طويلة ولم أشاهده يوما يحمل سيجارة في يده'.
وبألم تابع التميمي قائلا وزير الأسرى عيسى قراقع صرح 'أن أكثر من 25 معتقلا يعانون في سجون الاحتلال من مرض السرطان وإذا ما قدم لهم العلاج اللازم سنستقبلهم محمولين على الأكتاف بتوابيت لذلك علينا وعلى أمتنا العربية والإسلامية وأصدقائنا في العالم العمل الجاد والضغط على حكومة الاحتلال من أجل الإفراج عنهم'.
وقال رئيس الجمعية الخيرية الإسلامية في الخليل القاضي حاتم البكري إن 'فلسطين ستبقى صامدة صمود الجبال الشوامخ ولن يقفل نجمها أبد الآبدين حتى يرث الله الأرض ومن عليها، ونحن اليوم نودع ميسرة استكمالا لقافلة الشهداء ونعاهد الله ونعاهد الشهيد بأن نبقى الأوفياء الصامدين المتجذرين بأرضنا والحامين لمقدساتنا'.
وقال مفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين، 'نودع هذا البطل القائد العظيم الذي ارتقى إلى العلياء شهيدا والتحق بكواكب الشهداء في فلسطين وخارجها وداع الرجال الرجال، فهو كان صاحب مآثر كثيرة ومواقف عظيمة، استمر في جهاده شامخا مثل جبال الخليل وفلسطين التي سيذكره أبناؤها وأجيالها المتعاقبة أبد الدهر'.
وتساءل المفتي: 'أنعزي أنفسنا في هذا البطل الحكيم أم نعزي الوطن والثورة؟ فهو كان يعمل دائما من أجل بقاء وحدة الحركة الأسيرة كما عمل من أجل وحدة شعبنا وله مقولة مشهورة (بوصلتنا هي القدس)'.