عقد في جامعة بوليتكنك فلسطين المؤتمر الدولي الثالث في الطاقة وحماية البيئة في التنمية المستدامة، وذلك برعاية وحضور رئيس الوزراء الدكتور رامي الحمد الله ورئيس مجلس أمناء جامعة بوليتكنك فلسطين الأستاذ احمد سعيد بيوض التميمي ورئيس الجامعة الدكتور إبراهيم المصري، وحضر الافتتاح نائب محافظ محافظة الخليل الأستاذ مروان سلطان ورئيس بلدية الخليل الدكتور داود الزعتري، وجمع من الأكاديميين الفلسطينيين وباحثين دوليين، ورؤساء الجامعات والكليات ومدراء الدوائر والمؤسسات والأجهزة الأمنية. ونقل رئيس الوزراء تحيات فخامة الرئيس محمود عباس للحضور حيث افتتح رئيس الوزراء الدكتور رامي حمد الله مدرج الشهيد بلال عمرو الذي تم تمويل تشطيبه بتبرع سخي عن روح الشهيد بلال عمرو وبمساهمة مجموعة الاتصالات الفلسطينية.
حيث افتتح الحفل بآيات عطرة من القرآن الكريم، ثم عزف السلام الوطني الفلسطيني، وقرأ الحضور الفاتحة على أرواح الشهداء.
وفي كلمته الترحيبية، أكّد الأستاذ احمد سعيد التميمي على دعوته للحكومة لدعم المؤسسات الجامعية الفلسطينية، والاهتمام بالبحث العلمي، وأشار إلى أن نجاح الجامعات الفلسطينية ينتج بتفاعلها مع المجتمع، وشدد على أهمية موضوع البيئة بالنسبة للشعب الفلسطيني التي يعمل الاحتلال دائما على تدميرها بهدف تدمير حلم الشعب الفلسطيني في إنشاء دولته، مؤكدا على أهمية دعم البحث في الطاقة البديلة في ظل عدم توفر مصادر طبيعية إستراتيجية في فلسطين مثل البترول.
وأكد السيد رئيس الوزراء في كلمته على دعم الحكومة واهتمامها بجامعة بوليتكنك فلسطين، موضحا انه تم تحويل مبلغ 11 مليون شيكل لدعم الجامعات الفلسطينية، أما في مجال البحث العلمي في الجامعات الفلسطينية فقد أشار إلى اعتماد الحكومة دعم 26 مشروعا بحثيا علميا مميزا من قبل مجلس البحث العلمي في وزارة التعليم العالي، وأكد على اهتمام الحكومة بإنشاء مراكز تميز جامعية في مجال التخصصات العلمية والبرامج الأكاديمية المختلفة لترشيد هذه التخصصات والبرامج.
وقال في كلمته، يُسعدني أن أكون بينَكم في هذا المؤتمر الهام والحيويّ، وضمن هذا الحشد المُميز من الأكاديمين والعلماء والباحثين وذوي الخبرة في مجالات الطاقة والبيئة والتنمية، حيث يكتسبُ مؤتمرُكم أهميةً مضاعفةً هنا في بلادنا التي يتهددُ بيئتُها ليس فقط تبعات التغيير المناخيّ والتلوث والتدهور البيئيّ كباقي دول العالم، بل تُحاصرُها إسرائيل أيضاً بالانتهاكات والاعتداءات والاستيطان والجدران والمصادرة والتخريب أيضاً. فالواقعُ البيئيّ في بلادنا يتعرضُ، بشكلٍ يوميّ، لتدميرٍ مُمنهج من قبل الإحتلال الإسرائيليّ حيثُ يستنزفُ مكونات هذه البيئة وعناصرها.
واضاف الحمد الله، تواجهُ فلسطين كباقي دول العالم مشاكل البيئة العالمية، كالتغير المناخيّ ونقص الموارد الطبيعية وتلوثها إضافةً إلى أخطار التصحر والجفاف والزحف العمرانيّ وغيرها، وعلى الصعيد الداخليّ، تواجهُ التنميةُ المُستدامة في بلادنا تحدياتٍ ومُعيقاتٍ كبيرة، حيثُ استهدفَ الاحتلالُ الإسرائيليّ مشاريعَ ومصادرَ التنمية وكافة مكونات البيئة الفلسطينية، وعملَ على استنزاف موارد وطاقات أبناء شعبنا والسيطرة عليها، بهدف منعنا من إقامة دولةٍ مُتواصلة جغرافياً وقابلة للحياة.
وقال رئيس الوزراء، يُشكل الإستيطانُ الإسرائيليّ التهديدَ الأساسي والأخطر للبيئة الفلسطينية وللإنسان الفلسطينيّ عموماً، فهذا الاستيطان الذي يتوغلُ في حياتنا، يقومُ على مبدأ التوسع ومصادرة الأرض خاصةً منطقة الغابات والمحميات الطبيعية والأراضي الزراعية والغنية بالتنوع الحيويّ، كما يُصادر جدارُ الفصل العنصريّ الأراضي الزراعية ويلوثُ مصادرَنا الطبيعية ويلتهمُ عدداً كبيراً من آبار المياه الجوفية وينابيع المياه.
واشار ان فلسطين تُعاني أيضاً من أزمةٍ مائيةٍ خانقة ليس بسبب قلة المصادر بل جرّاء إستمرار السيطرة الإسرائيلية على مصادرنا المائية وأحواضنا الجوفية وعدم إلتزام إسرائيل بالقانون الدوليّ والاتفاقيات الموقعة، حيث لا يُسمحُ لنا بفعل هذه السيطرة إلاّ باستغلال 10% من المياه المشتركة، وتقلُ حصةُ المواطن الفلسطينيّ من المياه عن المُعدل الذي تُوصي به منظمةُ الصحة العالمية كحدٍ أدنى، ويُعاني أهلُنا في قطاع غزة من وضعٍ كارثيّ من حيث نوعية المياه ومحدوديتها.
وبين ان سياسةُ الحصار والإغلاق وعزل المدن والقرى الفلسطينية، واستمرار نظام التحكم والسيطرة الإسرائيليّ ادت إلى تفاقم الوضع البيئيّ خاصةً في مجال إدارة النفايات الصلبة والمياه العادمة، وتفتقرُ تجمعاتٌ سكانيةُ كبيرة إلى خدمات تصريف المياه العادمة ويلجأونَ إلى الحُفر الامتصاصية مما يُهددُ بتلويث المياه الجوفية نتيجة نفاذ المياه العادمة إلى الأرض، كما تضخُ المستوطنات مياهَها العادمة إلى أراضينا وتشوهُ الطرقَ الالتفافية والحواجز البيئة الفلسطينية وتُفقدها تواصلَها الجغرافيّ.
واشار، الى ان قطاع الطاقة حاصرتُه أيضاً ممارسات وسياسات الإحتلال الإسرائيليّ، ووضعت العراقيل والصعوبات أمام تطويره والنهوض بأدائه. وقد عملنا بكل جدية، على إعادة بناء هذا القطاع وتأهيله وتطوير وسائله وموارده، وصولاً إلى استخدام المزيج الأنسب والأقل تكلفة والأنظف بيئياً حتى يتمكنَ من خدمة أبناء شعبنا وتلبية احتياجاته. كما أنصب قسمٌ كبيرٌ من عملنا في هذا القطاع، على تعزيز قدرات شركات توزيع الكهرباء في الضفة الغربية وقطاع غزة وشركة كهرباء القدس، وإقرار قانون الكهرباء العام والاستراتيجية الفلسطينية للطاقة المُتجددة في فلسطين، بهدف زيادة مساهمة الطاقة المُتجددة في مجموع الطاقة الكليّ وبما يُعادلُ25% بحلول عام 2020، وإنشاء المبادرة الفلسطينية للطاقة الشمسية لتشجيع الاستثمار وتحفيز ونشر تكنولوجيا الطاقة المُتجددة للوصول لتركيب خلايا ضوئية من قبل المستهلكين المنزليين حتى عام 2015 بقدرة 5 ميجا وات. وفي قطاع غزة، فإننا نعملُ جاهدين على تزويد محطة توليد كهرباء غزة بالغاز الطبيعي وقمنا بإعفاء السولار الصناعيّ للمحطة من الضربية الخاصة به، كما أننا نعمل وبالتنسيق مع الاخوة في جمهورية مصر العربية على ربط قطاع غزة بالشبكة المصرية.
وذكر، ان مجابهة التحديات الخطيرة التي تُحيطُ بواقعنا البيئيّ وتُعيقُ إمكانيات التنمية الاقتصادية، تتطلبُ بالتأكيد العمل على مستويين أساسين ومتوازيين، يتمحورُ الأول حول حشد المزيد من الدعم الدوليّ لحقوقنا الوطنية وإلزام إسرائيل بوقف انتهاكاتها المُستمرة للبيئة الفلسطينية، بينما يتمحورُ الثاني على العمل بكل جدية لإرساء أُسس الإدارة الرشيدة والسليمة للبيئة والطاقة في بلادنا وتطوير المشاريع التنموية الإستراتيجية خاصةً في قطاع الكهرباء، ومواصلة تنفيذ مشاريع تأهيل البنية التحتية للمياه ومشاريع الصرف الصحيّ ومحطات المعالجة، للوصول إلى مصادر طبيعية مُستدامة وتطويعها لخدمة المواطن الفلسطينيّ على قاعدة الحفاظ عليها وحمايتها بل وتطويرها وضمان استمراريتها، وبما يُساهم أيضاً في التخطيط العمرانيّ والاقتصاديّ السليم القائم على الاستخدام الأمثل للموارد.
وتحدث الحمد الله قائلا في كلمته، ازاء هذا الواقع الصعب والمُتفاقم، فقد أرتأينا مراجعة وتطوير وتفعيل البرامج والخطط والقوانين لتعزيز حماية المصادر البيئية والطبيعية وتطويرها، وتحسين إدارة النفايات والمياه العادمة ومعالجتها، وحماية مصادر المياه والطاقة، هذا بالإضافة إلى زيادة الوعي بأهمية ترشيد استهلاك الطاقة ومضاعفة جهود حماية البيئة.
وتابع الحمد الله، يرتكزُ جزءٌ كبير من عملنا في هذه المرحلة، على تفعيل جهودِنا الرسمية والشعبية لتسليط الضوء على تداعيات إستمرار إسرائيل بفرض نظام التحكم والسيطرة التعسفيّ، والذي يحدُ من قدرتِنا على السيطرة على مواردنا وخاصةً في المناطق المُسماة (ج)، ويُعيق جهودَ التنمية الوطنية التي نحنُ بصددها، فهذا كله يتطلبُ تدخلاً جدياً وفاعلاً من المجتمع الدولي لإنهاء الاحتلال الإسرائيليّ، وتمكين شعبنا من السيطرة على موارده ومقدراته من أجل الاستمرار في بناء دولة فلسطين وتطوير مؤسساتها القادرة على الاستجابة الفاعلة لاحتياجات مواطنيها.
وشكرَ رئيس الوزراء، القائمين على هذا الحدث والإنجاز المُميز، وجميع المشاركين فيه من فلسطين والدول الصديقة، وقال "آمل أن ينجح هذا المؤتمر ليس فقط بإظهار ما تُلحقه الاعتداءات الإسرائيلية المُستمرة على البيئة الفلسطينية من تداعياتٍ ومخاطر، بل لبلورة رؤية وطنية استراتيجية متُكاملة لحماية مستقبل البيئة الفلسطينية وصون مواردها، ونتعهدُ أمامَكم بدعم وتطوير جهود البحث العلميّ في مجالات البيئة والطاقة من خلال توفير منح دراسية للطلاب والباحثين المتخصصين في هذه المجالات ".
وفي كلمته، نقل الأستاذ مروان سلطان نائب محافظ محافظة الخليل تحيات السيد المحافظ للمجتمعين، وأكد على أهمية معالجة شؤون الطاقة وحماية البيئة في التنمية المستدامة لما لها من بعد سياسي واقتصادي، مشيرا إلى ممارسات الاحتلال في وضع العوائق الحقيقية التي تمنع التنمية الاقتصادية في فلسطين وتهدد إقامة الدولة المستقلة، والى النفايات التي تلقي بها سلطات الاحتلال وتحرق في المناطق القريبة من المدن والمتاخمة للتجمعات الفلسطينية، والتي تشكل عبئا على الدولة الفلسطينية داعيا إلى صب الجهود نحو البحث عن مصادر الطاقة البديلة ومتمنيا التوفيق للجامعة بوليتكنك فلسطين وللباحثين.
أما الدكتور داود الزعتري رئيس بلدية الخليل فقد رحب بالحضور والضيوف في مدينة الخليل، وأشار إلى أهمية إنتاج الطاقة البديلة بالنسبة لخدمة المواطنين في مدينة الخليل حيث من الصعب الحصول على أكثر من ثمانين ميجاواط من الجانب الإسرائيلي ، وأشار إلى ممارسات الاحتلال التي تدمر آبار المياه والينابيع الجوفية وتترك المياه العادمة من المستوطنات لتدمر البيئة الفلسطينية.
ورحب الدكتور إبراهيم المصري بالحضور، مبينا جهود الجامعة المتواصلة في عقد المؤتمرات العلمية المتميزة على مستوى فلسطين، واستقبال الباحثين من مختلف الأقطار وفي التخصصات المختلفة بالإضافة إلى تميز الجامعة في عقد مؤتمرات الإبداع للطلبة والشراكة بين القطاعات الأكاديمية والخاصة والحكومية.
ثم رحب الدكتور سمير حنا رئيس المؤتمر بالضيوف والباحثين والمشاركين والوفود الرسمية، وأوضح أهداف المؤتمر والنتائج المرجوة كونه يتناول مواضيع هامة جدا بالنسبة للمجتمع الفلسطيني وهي الطاقة والبيئة في التنمية المستدامة وبين أن هناك ثلاثين ورقة علمية من فلسطين وخارجها تم اختيارها لكي تقدم في هذا المؤتمر بناءا على تقييم علمي من اللجنة العلمية والباحثين المحكمين، إضافة إلى استضافة خمسة متحدثين دوليين في مجالات المؤتمر بهدف إعطاء المؤتمر طابعا دوليا متميزا.
كما ذكر أن لهذا المؤتمر نكهة جديدة بتكامله مع الصناعة من خلال تنظيمه لمعرض الصناعات المتعلق بالطاقة والبيئة الذي يتم افتتاحه بعد الظهر على ارض شركة رويال الصناعية التجارية وبالتعاون مع غرفة تجارة وصناعة الخليل. وكذلك شكر الاتصالات الفلسطينية وجميع الشركات الداعمة لإنجاح هذا المؤتمر وشكر مجلس الأمناء وإدارة الجامعة على دعمها للبحث العلمي ولجان المؤتمر، متمنيا النجاح للمؤتمر والخروج بتوصيات علمية يتم وضعها أمام صناع القرار.
وشدد رئيس اللجنة العلمية للمؤتمر الدكتور نبيل الجولاني على اهمية الخروج بتوصيات عقب المؤتمر تساهم في الحفاظ على البيئة وصحة الانسان وترشيد استهلاك الطاقة وايجاد مصادر بديلة لتوليدها.
وفي الجلسة الأولى العلمية أشار الدكتور محمد رشيد من جامعة غرب فلوريدا إلى أهمية ترشيد استهلاك الطاقة وتحدث عن أهمية البحث عن مصادر طاقة بديلة والتركيز على الطاقة الشمسية والطاقة الأرضية وطاقة الهواء والأمواج.
كما أكدّ الدكتور عصام شحرور من فرنسا على أهمية بناء المدن الذكية والحديثة لمساهمة ذلك في ترشيد استهلاك الطاقة. وعرض الدكتور عماد الخطيب ورقة علمية توضح أهمية وآلية استخراج الطاقة من حرق النفايات الصلبة، كما شارك المهندس احمد الحداد بورقة عمل نوه فيها إلى أهمية ترشيد الطاقة في الشركات والفنادق.
كما وقعت البولتيكنك على هامش المؤتمر اتفاقية شراكة بين شركة شنايدر الفلسطينية ومؤسسة ميد لينك من اجل تأسيس مختبرات حديثة في الأتمتة والطاقة وتدريب الكوادر البشرية في هذا المجال حيث تتوفر امكانية التحاق الخريجين والطلبة بجامعة شنايدر الالكترونية.
التقرير
http://www.maannews.net/arb/ViewDetails.aspx?ID=637685
دائرة العلاقات العامة